إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
الإجابات البهية في المسائل الرمضانية
26906 مشاهدة
تعريف الاعتكاف وأحكامه


س 27: هنالك -أحسن الله إليكم- سنة قد تهاون فيها أكثر الناس، ألا وهي سنة الاعتكاف فما توجيهكم؟ وما شروط الاعتكاف ؟ وما يجوز وما لا يجوز؟ وهل يجوز للمرأة أن تعتكف ؟ وأين يكون؟
ج 27: الاعتكاف هو لزوم المسجد لطاعة الله وهو سنة مؤكدة في كل زمان، وتتأكد في العشر الأواخر من رمضان، كما روت عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده .
وروى البخاري عن أبي هريرة قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما .
قال ابن رجب في اللطائف: وإنما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتكف في هذه العشر قطعًا لأشغاله، وتفريغًا لباله، وتخليا لمناجاة ربه، وذكره ودعائه، وكان يحتجر حصيرًا يتخلى فيها عن الناس . ولهذا ذهـب الإمام أحمد إلى أن المعتكف لا يستحب له مخالطة الناس، حتى ولا لتعليم علم، وإقراء قرآن؛ بل الأفضل له الانفراد بنفسه، وهو الخلوة الشرعية لهذه الأمة، وإنما كان في المساجد، لأن لا يترك به الجمعة والجماعات.
فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه، وما يقربه منه، فما بقي له هم سوى الله وما يرضيه عنه، فمعنى الاعتكاف وحقيقته: قطع العلائق عن الخلائق، للاتصال بخدمة الخالق، وكلما قويت المعرفة والمحبة له، والأنس به، أورثت صاحبها الانقطاع إليه بالكلية على كل حال. اهـ .
ولا يصح الاعتكاف إلا بشروط:
(الأول): النية، لحديث: إنما الأعمال بالنيات
(الثاني): أن يكون في مسجد، لقوله -تعالى- وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ و كان-صلى الله عليه وسلم- يعتكف في مسجده
(الثالث): أن يكون ذلك في المسجد الذي تقام فيه صلاة الجماعة، حتى لا يتكرر خروجه لكل وقت، مما ينافي الاعتكاف.
ولا يخرج المعتكف إلا لما لا بد له منه، ولا يعود مريضا، ولا يشهد جنازة، ويحرم عليه مباشرة زوجته، ويستحب اشتغاله بالقربات، واجتناب ما لا يعنيه.

وله أن يتحدث مع من يزوره. وله أن يتنظف ويتطيب، ويخرج لقضاء حاجة وطهارة. وأكل وشرب، إذا لم يجد من يأتيه بهما.
وأما المرأة فالأفضل في حقها البقاء في بيتها، والقيام بخدمة زوجها وولدها، ولا يشغلها ذلك عن عبادة ربها. ولأن خروجها مظنه الفتنة بها، وفي انفرادها ما يعرضها للفسقة وأهل الفساد.
ولكن إن أمنت هذه المفاسد، وكانت كبيرة السن، وكان المسجد قريبا من أهلها ومحارمها، جاز لها الاعتكاف فيه، وعلى ذلك يحمل اعتكاف زوجات النبي -صلى الله عليه وسلم- بعده، لقربهن من المسجد.
وبالجملة لا يصح اعتكافها في مسجد بيتها، وهو مصلاها فيه، ويصح في كل مسجد، ولو لم يكن فيه جماعة مستمرة، ويكره خروجها وانفرادها محافظة على نفسها. والله أعلم.